بطيبـةَ رسـمٌ للرسـولِ ومعهـدُ |
منيرٌ ، وقد تعفو الرسـومُ وتهمـدُ
|
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمـةٍ |
بِها منبرُ الهادي الذي كانَ يصعـدُ
|
وواضحُ آيـاتٍ، وباقـي معالـمٍ |
وربعٌ لهُ فيـهِ مصلـىً ومسجـدُ
|
بِها حجراتٌ كانَ ينـزلُ وسطهـا |
منَ اللهِ نـورٌ يستضـاءُ، ويوقـدُ
|
معالمُ لَم تطمسْ على العهـدِ آيهـا |
أتاها البلـى، فالآيُ منهـا تجـددُ
|
عرفتُ بِها رسمَ الرسولِ وعهـدهُ |
وقبراً بهِ ورارهُ فِي التـربِ ملحـدُ
|
ظللتُ بِها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ |
عيونٌ، ومثلاها منَ الجفـنِ تسعـدُ
|
تذكـرُ آلاءَ الرسـولِ، ومـا أرى |
لَها محصياً نفسي ، فنفسـي تبلـدُ
|
مفجعةٌ قدْ شفهـا فقـدُ أحـمدٍ |
فظلـتْ لآلاء الـرسـولِ تعـددُ
|
وما بلغتْ منْ كلّ أمـرٍ عشيـرهُ |
ولكنّ نفسي بعضَ ما فيـه تحمـدُ
|
أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدهـا |
على طللِ القبـرِ الذي فيهِ أحـمدُ
|
فبوركتَ، يا قبرَ الرسولِ، وبوركتْ |
بلادٌ ثوى فيهـا الرشيـدُ المسـددُ
|
وبوركَ لَحدٌ منـكَ ضمـنَ طيبـاً |
عليهِ بنـاءٌ من صفيـحٍ، منضـدُ
|
تُهيلُ عليهِ التـربَ أيـدٍ وأعيـنٌ |
عليهِ، وقدْ غارتْ بـذلكَ أسعـدُ
|
لقد غيبوا حلماً وعلمـاً ورحـمةً |
عشيةَ علـوهُ الثـرى، لا يوسـدُ
|
ورتحوا بِحزنٍ ليسَ فيهـمْ نبيهـمْ |
وقدْ وهنتْ منهمْ ظهورٌ، وأعضـدُ
|
يبكونَ من تبكي السمواتُ يومـهُ |
ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمـدُ
|
وهلْ عدلتْ يومـاً رزيـةُ هـالكٍ |
رزيـةَ يـومٍ مـاتَ فيـهِ محمـدُ
|
تقطعَ فيهِ منـزلُ الوحـيِ عنهـمُ |
وقد كانَ ذا نورٍ، يغـورُ وينجـدُ
|
يدلُّ على الرحمنِ منْ يقتـدي بـهِ |
وينقذُ منْ هولِ الخزايـا ويرشـدُ
|
إمامٌ لَهمْ يهديهـمُ الحـقَّ جاهـداً |
معلمُ صدقٍ، إنْ يطيعـوهُ يسعـدوا
|
عفوٌّ عن الزلاتِ، يقبـلُ عذرهـمْ |
وإنْ يحسنوا، فاللهُ بالخيـرِ أجـودُ
|
وإنْ نابَ أمرٌ لَم يقومـوا بِحمـدهِ |
فمـنْ عنـدهِ تيسيـرُ ما يتشـددُ
|
فبينا هـمُ فِي نعمـةِ اللهِ بينهـمْ |
دليلٌ بِهِ نَهـجُ الطريقـةِ يقصـدُ
|
عزيزٌ عليهِ أنْ يحيـدوا عن الهـدى |
حريصٌ على أن يستقيموا ويهتـدوا
|
عطوفٌ عليهمْ، لا يثنـي جناحـهُ |
إلى كنفٍ يَحنـو عليهـم ويمهـدُ
|
فبينا همُ فِي ذلك النـورِ، إذْ غـدا |
إلى نورهمْ سهمٌ من الموتِ مقصـدُ
|
فأصبحَ محمـوداً إلـى اللهِ راجعـاً |
يبكيهِ جفـنُ المرسـلاتِ ويحمـدُ
|
وأمستْ بلادُ الحرم وحشاً بقاعهـا |
لغيبةِ ما كانتْ من الوحـيِ تعهـدُ
|
قفاراً سوى معمورةِ اللحدِ ضافهـا |
فقيـدٌ، يبكيـهِ بـلاطٌ وغرقـدُ
|
ومسجدهُ، فالـموحشاتُ لفقـدهِ |
خـلاءٌ لـهُ فيـهِ مقـامٌ ومقعـدُ
|
وبالجمرةِ الكبرى لهُ ثمّ أوحشـتْ |
ديارٌ، وعرصاتٌ، وربـعٌ، ومولـدُ
|
فبكي رسولَ اللهِ يا عيـنُ عبـرةً |
ولا أعرفنكِ الدَّهـرَ دمعكِ يجمـدُ
|
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمـةِ التـي |
على الناسِ منهـا سابـغٌ يتغمـدُ
|
فجودي عليهِ بالدمـوعِ وأعولـي |
لفقدِ الذي لا مثلهُ الدَّهـرِ يوجـدُ
|
وما فقدَ الـماضونَ مثـلَ محمـدٍ |
ولا مثلـهُ، حتّى القيامـةِ، يفقـدُ
|
أعـفَّ وأوفَى ذمـةً بعـدَ ذمـةٍ |
وأقـربَ منـهُ نائـلاً، لا ينكـدُ
|
وأبـذلَ منـهُ للطريـفِ وتالـدٍ |
إذا ضنّ معطاءٌ ، بِما كـانَ يتلـدُ
|
وأكرمَ حياً فِي البيوتِ، إذا انتمـى |
وأكـرمَ جـداً أبطحيـاً يسـودُ
|
وأمنعَ ذرواتٍ، وأثبتَ فِي العلـى |
دعائـمَ عـزٍّ شاهقـاتٍ تشيـدُ
|
وأثبتَ فرعاً فِي الفـروعِ ومنبتـاً |
وعوداً غداةَ المزنِ، فالعـودُ أغيـدُ
|
رباهُ وليـداً، فاستتـمّ تـمامـهُ |
على أكرمِ الخيراتِ، ربٌّ مُمَجّـدُ
|
تناهتْ وصـاةُ المسلميـنَ بكفـهِ |
فلا العلمُ محبوسٌ، ولا الرأيُ يفنـدُ
|
أقولُ، ولا يلفـى لقولـيَ عائـبٌ |
منَ الناسِ، إلا عازبُ العقلِ مبعـدُ
|
وليسَ هوائـي نازعـاً عنْ ثنائـهِ |
لعلي بهِ فِي جنـةِ الخلـدِ أخلـدُ
|
معَ المصطفى أرجـو بذاكَ جـوارهُ |
وفِي نيلِ ذاك اليومِ أسعى وأجهـدُ
|