أَتَذْكُـرُ دَاراً بَيْـنَ دَمْـخٍ وَمَنْـوَرَا |
وَقَـدْ آنَ لِلْمَحـزُونِ أَنْ يَتَـذَكَّـرَا
|
دِيَارٌ لَنَـا كَانَـتْ وَكُنَّـا نَحُلُّـهَا |
لَدَى الْدَهْرِ سَهْلٌ صَرْفُهُ غَيْرُ أَعْسَـرَا
|
فَحَـالَ قَضَـاءُ اللهِ بَيْنِـي وَبَيْنَـهَا |
فَمَا أَعْـرِفُ الأَطْـلاَلَ إِلاَّ تَذَكُّـرَا
|
قَضَى اللهُ أَنْ أَوْحَـى إِلَيْنَـا رَسُولَـهُ |
مُحَمَّـداً الْبَـرَّ الزَّكِـيَّ الْمُطَهَّـرَا
|
فَأَنْقَـذَنَـا مِنْ حَيْـرَةٍ وَضَـلاَلَـةٍ |
فَفَازَ بِدِيـنِ اللهِ مِنْ كَـانَ مُبْصِـرَا
|
وَكَانَ رَسُـولُ اللهِ يَدْعُوهُـمْ إلـى |
الْرَشَادِ وَلاَ يَأْلُـو مَسَـاءً وَمَسْفَـرَا
|
فَيَسَّـرَ قَوْمـاً لِلْهُـدَى فَتَقَـدَّمُـوا |
وَأَهْلَـكَ بِالْعِصْيَـانِ قَوْمـاً وَدَمَّـرَا
|
فَـأَوْرَدَ قَتْلَـى الْمُؤْمِنِيـنَ جِنَانَـهُ |
وَأَلْبَسَهُمْ مِنْ سُنْدُسِ الْمُلْكِ أَخْضَـرَا
|
تُحَيِّيهِـمُ بِيـضُ الْوَلاَئِـدِ بَيْنَهُـمْ |
وَيَسْعَرْنَهُمْ مِسْكـاً ذَكِـيّاً وَعَنْبَـرَا
|
وَأَوْرَدَ قَتْلَى الْمُشْرِكِيـنَ لِبُغْضِهِـمْ |
جَحِيماً وَأَسْقَاهُمْ حَمِيمـاً مُسَعَّـرَا
|
وَلَـمْ يَبْعَـثِ اللهُ الْنَّبِـيَّ مُحَمَّـداً |
بِإِيـحَـائِـهِ إِلاَّ لِيَسْنَـى وَيَظْهَـرَا
|
فَأَعْلاَهُ إِظْهَـاراً عَلَـى كُلِّ مُشْـرِكٍ |
وَحَلَّتْ بَلاَيَاهُ بِمَـنْ كَـانَ أَكْفَـرَا
|
وَأَفْلَـحَ مَنْ قـد كَـانَ للهِ طَائِعـاً |
فَخَفَّ إِلـى أَمْـرِ الإِلَـهِ وَشَمَّـرَا
|
وَآزَرَهُ أَبْـنَـاءُ قَـيْـلَـةَ فَابْتَنَـوْا |
مِنَ الْمَجْـدِ بُنْيَانـاً أَغَـرَّ مُشَهَّـرَا
|
وَسَمَّاهُـمُ الأَنْصَـارَ أَنْصَـارَ دِينِـهِ |
وَكَـانَ عَطَـاءُ اللهِ أَعْلَـى وَأَكْبَـرَا
|
وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ صَالِحـاً فـي كِتَابِـهِ |
فَكَانَ الَّذِي أَثْنَـى أَجَـلَّ وَأَكْثَـرَا
|
رَأَى لَهُمْ فَضْـلاً فَأَعْطَاهُـمُ الْمُنَـى |
وَكَانَ بِمَا أَعْطَـى أَطَـبَّ وَأَبْصَـرَا
|
فَلَمَّا أَبَانَ الْخَيْـرَ فِيهِـمْ أَجَادَهُـمْ |
وَلَيْسَ مُجَادٌ مِثْلَ مَنْ كَانَ مُحْصَـرَا
|
وَكَمْ بَذَلُـوا للهِ جَهْـدَ نُفُوسِهِـمْ |
فَصَارُوا بِذَلِكَ الْبَذْلِ مِنْ سَادَةِ الْوَرَى
|
فَهُمْ خِيرَةُ الْرَّحْمَنِ مِنْ كُلِّ مُشْـرِكٍ |
وَكُلِّ يَهُـودِيٍّ وَمَـنْ قَـدْ تَنَصَّـرَا
|
وَآوَوْا رَسُولَ اللهِ إِذْ حَـلَّ دَارَهُـمْ |
بِلاَ ضَجَرٍ خُلْقـاً سَجِيـحاً مُيَسَّـرَا
|
وَلَمْ يَمْنَحُـوا الأَعْـدَاءَ إِلاَّ مُقَوَّمـاً |
أَصَـمَّ رُدَيْنِيَّـاً وَعَضْبـاً مُـذَكَّـرَا
|
أُبَـاةٌ يَفُـوزُ مَـنْ تَقَـدَّمَ مِنْهُـمُ |
وَسَوْفَ يَنَالُ الْفَـوزَ مَنْ قَدْ تَأَخَّـرَا
|
هُمُ ابْتَدَرُوا فـي يَوْمِ بَدْرٍ عَدُوَّهُـمْ |
بِكُلِّ امْرِىءٍ في الْرَّوْعِ لَيْسَ بِأَوْجَـرَا
|
عَلَى كُلِّ غَـوْجٍ أَخْـدَرِيٍّ مُعَـاوِدٍ |
يُرَى الْمَاءُ عَنْ أَعْطَافِهِ قَـدْ تَحَـدَّرَا
|
كَـأَنَّ عَلَى كَتِفَيْـهِ وَاللَّيْـلُ مُظْلِـمٌ |
إِذَا زَبَنَتْهُ الْحَرْبُ في الْـرَّوْعِ قَسْـورَا
|
يَطَـأَنَ الْقَنَـا وَالْدَّارِعِيـنَ كَأَنَّمَـا |
يَطَـأَنَ قَوَارِيـرَ الْعِـرَاقِ مُكَسَّـرَا
|
فَكَانَتْ رِجَالُ الْمُشْرِكِيـنَ وَخَيْلُهُـمْ |
يَرَوْنَ بِهِنَّ الْمَـوْتَ أَسْـوَدَ أَحْمَـرَا
|
إِلَى أَنْ أَعَـزَّ اللهُ مَنْ كَـانَ بِالْهُـدَى |
مُقِرّاً وَرَدَّى الْـذُلَّ مَنْ كَانَ أَنْكَـرَا
|
وَأَوْطَـا نَبِـيَّ اللهِ أَطْـرَافَ مَكَّـةٍ |
وَأَدْخَلَـهُ الْبَيْـتَ الْعَتِيـقَ الْمُسَتَّـرَا
|
فَطَهَّـرَ مِنْ أَرْجَـاسِ مَكَّـةَ بُقْعَـةً |
حَقِيـقٌ لَهَـا أُكْرُومَـةً أَنْ تُعَطَّـرَا
|
بِأَيْدِي رِجَالٍ لاَ يـُرَامُ لَهُـمْ حِمـىً |
إِذَا لَبِسُوا فَـوْقَ الْـدُّرُوعِ السَّنَـوَّرَا
|
فَمَا زَالَتْ الأَصْنَـامُ تَحْبَـطُ كُلَّـمَا |
أَشَـارَ إِلَـى مِنْـهَا وَثِيـقٍ تَفَطَّـرَا
|
فَأَرْبَـحَ أَقْـوَامـاً بِأَنْفَـعِ سَعْيِهِـمْ |
وَضَـرَّ أُنَاسـاً آخَرِيـنَ وَأَخْسَـرَا
|
وَوَفَّى النَّبِـيَّ اللهُ مَا كَـانَ أَوْعَـدَا |
مِنَ النَّصْرِ وَالْفَتْـحِ الْمُبِيـنِ لِيَغْفِـرَا
|
فَحَجَّ إِلَيْهِ النَّـاسُ مِنْ كُـلِّ جَانِـبٍ |
بِأَحْسَنِ دِيـنِ اللهِ خُلْقـاً وَمَنْظَـرَا
|
كَمَا شَاءَهُ الرَّبُّ الْعَظِيـمُ وَمَا يُـرِدْ |
يَكُنْ، لَمْ يَخَفْ رَجُـوهُ أَنْ يَتَعَـذَّرَا
|
قَضَـى اللهُ لِلإِسْـلاَمِ عِـزّاً وَرِفْعَـةً |
وَكَـانَ قَضَـاءُ اللهِ حَتْـماً مُقَـدَّرَا
|