سفيان الثوري عـضـو متألــق
عدد الرسائل : 148 المدينة : الفنيدق تاريخ التسجيل : 09/08/2009
| موضوع: فن المديح والسماع الجمعة 7 مايو - 10:52 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله
مدخل عام
بدخول الإسلام إلى المغرب كان الدين لدى المغاربة عقيدة وشريعة. وقد لعب المسجد (دار الثقافة والعبادة ) دورا هاما في تداخل الثقافة بالدين، ففيه تكتسب المعرفة الادبية والفنية والسياسية والاجتماعية وفيه أيضا تقوم السلوكيات والأخلاقيات والروحانيات، فكان الطابع الغالب على ثقافة علمائنا هو روح الزهد في الدنيا والتجرد من مطامعها والاستمساك بالكتاب والسنة. حيث اتسم شعر المغرب آنذاك بكونه شعر فقه ودين وشعر الرجل المتدين المتحفظ، المتميز بالبساطة والرزانة الأخلاقية والاداء المحتشم.
وإذا كان الشعر في القرون الخمسة الأولى بعد الفتح الإسلامي قليلا، فقد قفز بسرعة في القرن السادس الهجري على عهد الدولة الموحدية التي ازدهرت فيها السياسة وتعاظمت الدولة، فانعكس ذلك إيجابا على الثقافة والادب والفلسفة؛ تطور الشعر والموسيقى والامداح النبوية وازدهرت باتخاذ عيد المولد النبوي عيدا دينيا ثالثا في أواخر القرن السابع الهجري على عهد بني مرين وتبنتها الدولة بكثير من الفخم على عهد أحمد المنصور الذهبي السعدي فكان يقيم سنويا في قصر البديع بمراكش موسما أدبيا كبيرا، ومهرجانا شعريا ازدهر فيه شعر الأمداح. ومن بين الموضوعات التي اتسم بها الشعر آنذاك الدعوات والتوسلات والابتهالات والتضرع إلى الله كي يفرج مضايق المسلمين ويصلح أحوالهم، من بين ذلك قصيدة التضرع للإمام السهيلي : " يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعد لكل ما يتوقع "
وقصيدة : التوسل للشيخ أحمد بن ناصر الدرعي " يا من إلى رحمته المفر ومن إليه يلجأ المضطر"
لكن في القرن التاسع والعاشر الهجري تأجج وجدان المغاربة وحثوا على الجهاد وأقبلوا على الزوايا التي اتسع نشاطها ونفوذها وعلى حلقات الذكر والأضرحة والمواسم.
وبنزوح المهاجرين من الأندلس إلى المغرب استفاد المغاربة من شعرهم وفنونهم وثقافتهم وموسيقاهم ومن شتى نماذج الحياة المختلفة فتعلموا منهم المواويل والموشحات والملحون وتطورت الموسيقى فظهرت الآلة الاندلسية. ومن تم أصبحت حفلات المولد النبوي التي ترسمت في المغرب لا تقتصر على الاحتفالات الرسمية للدولة، وإنما أخذت طابعا شعبيا واسعا تقام على شكل قصائد وتراتيل وقراءات شعرية، في جميع المساجد بالمدن القديمة، في مدح الرسول عليه السلام وذكر عظمة رسالته بصوت منغم وتارة بالآلة.
واهتم الناس في هذا المناخ بشعر المديح مشوبا بالغزل الرقيق وبالحكم والتصوف والحكايا الواقعية والخيالية للأنبياء والأولياء والصالحين، وترددت بين الناس قصائد وحفظها الكثيرون من بينها البردة والهمزية ( للشيخ الإمام البوصيري ) والمنفرجة (لابن النحوي ) اشتدي ازمة تنفرجـي قد آذن ليلك بالبلـج
وبـعـدهـا منفـرجـة أخـرى للمتصـــــوف ( محـمـد بن محمد بن عبد الرحيم التازي المشهور بابن يجبش) اشتدي أزمة تنفرجي قد ابدل ضيقك بالفرج
النوبات والموازين الموسيقية
قديما كانت أشعار المدح في الموسيقى الأندلسية تختلط بأشعار الغزل، بحيث كان الاهتمام ينصب على الوزن دون غرض الشعر المستعمل فيه، فكان يستبدل شعر الغزل والوصف بشعر المدح الشيء الذي يخل بوحدة الموضوع. مما دفع ببعض الباحثين والمهتمين بهذا الفن إلى تصنيف الموازين والأشعار والأزجال كل في موضعه. من ثم تتضح لنا العلاقة الوطيدة بين الموسيقى الأندلسية وفن المديح والسماع الذي اصبح يعتمد بدوره على نفس النوبات والطبوع الأندلسية مع امتياز هذا الأخير بغزارة أشعاره وأنغامه في حين تقتصر الموسيقى الأندلسية على نوبات معينة تحدد في إحدى عشرة نوبة، كل واحدة منها تشتمل على خمسة موازين ( البسيط – قائم ونصف – ابطايحي – الدرج – القدام ) ويكون الميزان موسع وقنطرة وانصراف إلا ميزان الدرج مثله خفيف .
النوبة الأولى رمل الماية
تشتمل على اربع طبوع : ( طبع رمل الماية – انقلاب الرمل – طبع حمدان – طبع الحسين)
1) طبع رمل الماية :
المستخرج لهذا الاسم هو صابر الفارسي، وقد زعم أهل الغناء أن واضعه هو رجل يدعى ربيب الماية. ورمل الماية هو فرع من الماية التي هي أصل ومقام هذا الطبع هو صوت "ري" ويستعمل فيه إنشادا ( بحر الطويل ) .
2) انقلاب الرمل ، أو رمل الذيل :
استخرجه عبد الرزاق الفيلسوف من أهل قرطبة بالاندلس ومقامه صوت "دو" ويستعمل فيه إنشادا (بحر الرمل )
3) طبع حمدان :
استخرجه سنان بن عتاد رجل من العرب بأقصى السوس، وقيل استخرجه حمدان الضرير الاندلسي، ومقامه صوت " فا" ويستعمل فيه إنشادا ( البحر الطويل )
4) طبع الحسين :
المستخرج له الحسين بن أمية وكان سلطانا أعجميا وسمي باسمه ومقامه صوت "لا " ومما يستعمل فيه إنشادا ( البحر الطويل ) .
وكانت أشعار هذه النوبة وأزجالها تدور حول الغزل والخمريات ووصف غروب الشمس إلى حدود القرن الثاني عشر الهجري حيث قام الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي بتحويل أشعار هذه النوبة إلى أشعار في مدح النبي عليه السلام والشوق إليه نظرا لما تحمله ألحان النوبة من معاني السمو والجلال والعظمة .
النوبة الثانية: الاصبهان
تشتمل على طبعين ( طبع الاصبهان – طبع الزوركند)
1) طبع الأصبهان :
وهو فرع من الزيدان والمستخرج لـه هو جابر بن الأصعد الأصبهاني وقيل إن ملائكة الرحمان وحور الجنان يسبحون الله بهذه النغمة ومقامه هو صوت "ري" ومما يستعمل في إشاده ( بحر الطويل ) .
2) طبع الزوركند :
والمستخرج لـه هو عبد الرزاق الفيلسوف من قرطبة بالأندلس، وهو مركب من الحجاز الكبير وطبع الاصبهان، ولحن هذا الاخير هو الغالب على طبع الزوركند. ومقامه هو صوت " ري" ويستعمل في إنشاده ( بحر الرمل)
النوبة الثالثة : الماية
المستخرج لهذا الطبع هو رجل يدعى أمية بن المنتقد من بني مالك حيث سمي باسمه وقيل امرأة تدعى "ماية " حيث سمي باسمها . ولطبع الماية من الازمنة، العشية عند الغروب لذلك تدور اشعرها حول هذا المعنى . ومقامها صوت "ري" ويستعمل اليوم قي صوت "دو" ومما يستعمل في إنشاده (بحر الطويل )
النوبة الرابعة : رصد الذيل
يقول الفقيه الحايك: هو فرع من الذيل وقد استنبطه ابن الحارث الذي استنبط نغمة الرصد . وتوجد بنوبة رصد الذيل بعض الصنائع مركبة من سيكة ورصد الذيل ومقامه صوت "دو" ومما يستعمل فيه إنشادا ( بحر الطويل ) .
النوبة الخامسة : الاستهلال
تشتمل هذه النوبة على طبعين : (الاستهلال – عراق العرب )
1) الاستهلال :
خارج عن الشجرة والغالب عليه أن يكون فرعا من الذيل وهو من الطبوع المجهولة والستخرج له هو الحاج علال البطلة وذلك في أيام السلطان السعدي أبي محمد عبد الله الغالب ومقامه صوت " دو " ومما يستعمل فيه إنشادا ( بحر الطويل )
2) عراق العرب :
وهو فرع من الذيل وقد استخرجه صيكة بن تميم العراقي وهو المستخرج لطبع صيكة وسميت باسمه ومقامه صوت "مي " ومما يستعمل فيه إنشادا : ألا بعراق العرب يا خيـر منشـد بحق الهوى كن لي مجيبا ومنشدا فديتك عللني اريح من الهـوى وأنــــــس غريبا لا زلت لنا مرشدا
النوبة السادسة : الرصد
تشتمل هذه النوبة على أربع طبوع : ( - الرصد – الحصار – المزموم – الزيدان )
1) طبع الرصد :
وهو فرع من الماية واسمه في الحقيقة رأس الماية والمستخرج له محمد بن الحارث – الخزاعي – نديم هارون الرشيد وكان هذا الاخير يقول : نسبة هذا الفرع من اصله كنسبة السكر من قصبه ومقامه صوت " ري " ومما يستعمل فيه إنشادا ( الطويل )
2) طبع الحصار:
هو فرع من الزيدان ويسمى بالحصار لانحصار نغمته في صوت منشده. استخرجه عنان بن مدرك اليمنى ومقامه هو صوت "ري" ويستعمل فيه إنشادا ( البحر الطويل )
3) طبع المزموم :
قيل استخرجه رجل يسمى بشير بن عتاد من بلاد سوس والمعروف أن الذي أطلق عليه هذا الاسم الجواد بن حاتم ومقامه هو صوت "صول" ويحتوي على صوت "فا" ملونة ومما يستعمل فيه إنشادا ( البحر الطويل )
4) طبع الزيدان :
استخرجه رجل يدعى هبة الله بن معاذ الحبشي، وبه يمكننا أن نفرق بين طبع الزيدان وطبع الرصد ذلك أن بالزيدان أصوات ملونة وليست بالرصد أصوات ملونة ( كأصله الماية ) ومقام الزيدان هو صوت "ري" ويحتوي على أصوات ملونة "مي" "فا" ومما يستعمل فيه إنشادا ( بحر الطويل ) .
النوبة السابعة : غريبة الحسين
تشتمل هذه النوبة على ثلاثة طبوع ( - غريبة الحسين – المحررة – الصيكة )
1) طبع غريبة الحسين :
هو فرع من المزموم ، استخرجه غريب الحسين ، وقيل استخرجته جارية تسمى الغريبة لانفرادها عن أهلها وذويها . ومقامه صوت "دو" . ومما يستعمل فيها إنشادا ( بحر الطويل ) .
2) طبع المحررة :
هو أصل ليس لـه فرع ، استخرجته جارية تسمى بالغريبة المحررة ، ومقامه صوت "ري" ويستعمل فيه إنشادا : بالمحــــررة الغريبة فانشدوا وانشدن غريبة الحسين واسقنــــي خمرة معتقة اللون فــذاك فيه قـــرة عينــي
3) طبع الصيكة :
استخرجه صيكة بن تميم العراقي الذي ابتكر طبع عراق العجم ، ومقامه صوت "مي" ويستعمل فيه إنشادا ( الطويل )
النوبة الثامنة : الحجاز الكبير
تشتمل هذه النوبة على ثلاث طبوع : ( - الحجاز الكبير – المشرقي الصغير – مجنب الذيل )
1) طبع الحجاز الكبير :
هو فرع من الزيدان ، استخرجه حجاز بن طارق من بلاد اليمن ، ومقامه هو صوت "ري" ويستعمل فيه إنشادا ( الخفيف )
2) طبع المشرقي الصغير :
هو فرع من الذيل ، مقامه صوت "ري" ويستعمل فيه إنشادا ( بحر الطويل )
3) طبع مجنب الذيل :
استخرجه رجل من الأندلس يدعى "هديل" ، مقامه هو صوت "ري" ومما يستعمل فيه إنشادا (الطويل)
النوبة التاسعة : الحجاز المشرقي
هو فرع من المزموم ، وهو مركب من الحمدان والحسين وبينه وبين نوبة المحررة جامع كا نقلاب الرمل . قيل استخرجه عبد القادر القرطبي وسماه بالجركة وسمي فيما بعد بالمشرقي لجريانه على ألسنة أهل الشرق . مقامه هو صوت "ري" . ومقام الحجاز المشرقي أيضا صوت "ري" غير أن به أصوات ملونة .
النوبة العاشرة : عراق العجم
إن عراق العجم خارج من شجرة الطبوع وقد اختلفوا فيه فقيل هو من الأصول الأربعة الأمهات وقيل هو من الفروع والمستخرج لـه هو صيكة بن تميم العراقي المستخرج لنغمة الصيكة وعراق العرب ومقامه هو صوت "صول" ويستعمل فيه إنشادا (الطويل )
النوبة الحادية عشر : العشاق
تشتمل على ثلاثة طبوع : ( طبع العشاق – طبع الذيل – طبع رمل الذيل )
1) طبع العشاق :
هو فرع من الزيدان استنبطه رجل من الافرنج يقال له فرنجر بن ديجر وقيل أنه كان( طبع شاق) فتداولته الألسنة فسمي بالعشاق ومقامه صوت "صول" ومما يستعمل فيه إنشادا ( الطويل )
2) طبع الذيل :
هو من الأمهات الأربع استنبطه رجل من اليمن يدعى زيد بن المنتقد ومقامه هو صوت "دو" ومما يستعمل فيه إنشادا ( الطويل )
3) طبع رمل الذيل :
وهو فرع من الذيل استخرجه عبد الرزاق الفيلسوف من أهل قرطبة بالأندلس وهذه النغمة شائعة بالمغرب ولا وجود لها بالمشرق ومقام هذا الطبع هو صوت "صول" ومما يستعمل فيه انشادا ( الطويل )
| |
|