نسمات الحب عـضـو فـعــال
عدد الرسائل : 75 المدينة : تطوان تاريخ التسجيل : 21/05/2009
| موضوع: قصة الاميرة زبيدة البطلة السبت 23 يناير - 13:28 | |
| لقد تمتعت المرأة في ظل الاسلام بالكثير من الفرص كي تؤدي دورها الذي يعتبر نصف دور المجتمع ككل ما لم تتمتع به في ظل غيره من القوانين على مر التاريخ فالاسلام لم يمنع المرأة ان تؤدي دورها مع الرجل سواء بسواء ما لم يكن ذلك على حساب انوثتها وحشمتها وعرضها، فمنذ أمد بعيد و للمرأة إسهاماتها و مكانتها المرموقة، و لها العديد من الأدوار الأساسية في جميع جوانب الحياة السياسية،والاجتـــــــــماعيـــــة و الأدبية. وقد تميزت بمواقفها البارزة في هذه الأمور، و قد تركت آثارا اجتماعية بارزة مازالت تذكر حتى يومنا هذا.
ومن تلك الشخصيات النسائيةالبارزة شخصية السيدة زبيدة بنت جعفر
اسمها ونسبها :
هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية. أم جعفر، زوجة هارون الرشيد وابنة عمه وأم ولده الأمين. اسمها أمة العزيز، أو أم العزيز، وغلب عليها لقب (زبيدة) ، قيل إن جدها المنصور كان يرقصها في طفولتها ويقول: يا زبيدة فغلب على اسمها. وقد اطلق عليها هذا الاسم لما رأى فيها من ذكاء و نعومة، بالإضافة إلى بنية قوية تشع نضارة،و قد قيل:" لم تلد عباسية قط إلا هي". ولدت في عام 145هـ، ونشأت وترعرعت في بيت والدها أبو جعفر المنصور، عرفت بكرمها وانفتاحها. وكان والدها أبو جعفر المنصور شديد الحب لها و قد خصها بالرعاية .
حياتها وزواجها:
تزوجت هارون الرشيد سنة 165هـ، وكان ذلك في خلافة المهدي ببغداد.و قد كان يوم زفافها أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، ففي أثناء مرور موكبها نثرت عليها اللآلئ الثمينة مما أعاق سيرها، كما فرشت الطرقات بالبسط الموشاة بالذهب. كانت تحب ابنها محمد الأمين حباً جما. وهذا جعلها تهيئ له الخلافة من بعد أبيه. لكن الرشيد كان يهيئ ويريد أن يكون خليفة المسلمين من بعده ابنه المأمون. ولكن زبيدة لم توافق على ما كان يريد الرشيد فغضبت منه وذهبت إليه تعاتبه على هذا الأمر الذي كان يريد . وعندما أخذت تعاتبه قال لها الرشيد: "ويحك إنما هي أمة محمد ورعاية من استرعاني الله تعالى مطوقاً بعنقي وقد عرفت ما بين ابني وابنك . ليس ابنك يا زبيدة أهلاً للخلافة ولا يصلح للرعية ". فقالت: ابني والله خير من ابنك وأصلح لما تريد ليس بكبير سفيه ولا صغير فيه، أسخى من ابنك نفساً، وأشجع قلباً. فقال الرشيد: ويحك إن ابنك لأحب إلى لأنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان لها أهلاً وبها مستحقاً ونحن مسؤلون عن هذا الخلق ومأخوذون بهذا الانام، فما أغنانا أن نلقى الله بوزرهم وننقلب إليه بإثمهم فاقعدي حتى أعرض عليك ما بين ابني وابنك . أجرى هارون الرشيد الاختبار بين الأمين والمأمون فاستدعى المأمون أولاً. ولما وصل إلى باب المجلس سلم على أبيه ثم وقف طويلاً مطأطأ الرأس، حتى أذن له الرشيد بالجلوس والكلام . جلس وحمد الله تعالى ثم استأذن الرشيد بأن يقترب فأذن له بذلك. اقترب وقبل أطرافه ويدي زبيدة، ثم رجع إلى مكانه وحمد الله على رضى أبيه حسن رأيه فيه. فقال الرشيد: يا بني إني أريد أن أعهد إليك عهد الإمامة وأقعدك مقعد الخلافة فإني قد رأيتك لها أهلاً وبها حقيقاً. فبكى وصاح المأمون يسأل الله العافية لوالده. ثم قال: يا أبتاه أخي أحق مني وابن سيدتي و لا أخال إلا أنه أقوى على هذا الأمر مني وأشد استطلاعا عرض الله لك ما فيه الرشاد والخلاص، وللعباد الخير والصلاح . ثم أستأذن للخروج فأذن له الرشيد. وبعد ذلك استدعى الرشيد ابنه الأمين فأول ما فعله الأمين أن دخل على أبيه دون أن يستأذن وهو يتبختر في مشيته حتى وصل إلى كرسي العرش إلى أبيه. فبدأ الرشيد بسؤاله: ما تقول يا بني أن أعهد إليك. فرد على الفور: ومن أحق بذلك مني يا أمير المؤمنين؟ فصرفه أمير المؤمنين هارون الرشيد وقال لزبيدة: كيف رأيت؟ فقالت: يا أمير المؤمنين: أبنك أحق بما تريد. فرد الرشيد: فإذا أقررت بالحق وأنصفت فأنا أعهد إلى ابني ثم إلى ابنك. وهناك أيضاً ما يدل على حبها الكبير لأبنها فقد بعثت ذات يوم بجاريتها إلى مدرس ابنها الكسائي الذي كان يقسو عليه. فقالت له الجارية ما أمرتها زبيدة أن تقوله وهو: ترفق بالأمين فهو ثمرة فؤادي و قرة عيني وأنا أرق عليه رقة شديدة. والدليل الآخر على حبها للأمين عندما توفيت الفطيم زوجة الأمين حزن عليها حزناً شديداً وبلغ أم جعفر زبيدة بذلك فقالت إلى أمير المؤمنين. فذهبت إليه فاستقبلها. و قال لها: يا سيدتي ماتت فطيم . فقالت : نفسي فداؤك لا يذهب بك اللهف ففي بقائك ممن قد مضى خلف عوضت موسى فهانت كل مرزئة ما بعد موسى على مفقودة أسف ، وقالت له: أعظم الله أجرك ووفر صبرك وجعل العزاء عنها ذخرك . أما الأمين فكان يرد على حنان وعطف أمه بتعظيمها وتبجيلها . وكانت الشجاعة من صفات الأمين والدليل على ذلك ما قاله لزبيدة عندما كان العدو محيطاً به: إنه ليس بجزع النساء وهلعهن عقدت التيجان، والخلافة سياسة لاتسعها صدور المراضع وراءك .
وقالت زبيدة في رثائه :
أودى بألفين من لم يترك الناسا فامنح فؤادك عن مقتولك الباسا لما رأيت المنايا قد قصدن له أصبن منه سواد القلب والراسا فبت متكئــأً ارعى النجوم له اخال سنته في الليل قرطاسا والموت كان به والهم قارنــــــــــه حتى سقاه التي أودي بها الكاسا رزئته حين باهيت الرجال به وقد بنيت به للدهر آساســا فليس من مات مردوداً لنا أبداً حتى يرد علينا قبله ناســـــا وفي أن زبيدة أمرت أبو العتاهية بكتابة أبيات على لسانها للمأمون ألا إن صرف الدهر يدني ويبعد ويمتع بالآلاف طورا ويفقد أصابت بريب الدهر مني يدى فسلمت للاقدار والله أحمد وقلت لريب الدهر إن هلكت يد فقد بقيت والحمد لله لي يد إذا بقي المأمون لها فالرشيد لي ولي جعفر لم يفقدا ومحمد
ولما مات وقتل ابنها الأمين اضطهدها رجال المأمون، فكتبت إليه تشكو حالها فعطف عليها وجعل لها قصرا في دار الخليفة، وأقام لها الوصائف والخدم. قيل عنها إنها كانت أعظم نساء عصرها دينا وأصالة ومعروفا.
صفاتها وأعمالها :-
قال ابن تغري بردي في وصفها: ((أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً))،
كما قال عنها ابن جبير في طريقه إلى مكة: (( وهذه المصانع والبرك والآبار والمنازل التي من بغداد إلى مكة، هي آثار زبيدة ابنة جعفر، انتدبت لذلك مدة حياتها، فأبقت في هذا الطريق مرافق ومنافع تعم وفد الله تعالى كل سنة من لدن وفاتها حتى الآن، ولولا آثارها الكريمة في ذلك لما سلكت هذه الطريق))
لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء. فمن الأطباء الذين كانت تعطف عليهم جبريل الذي منحته راتباً شهرياً، وقدره خمسون ألف درهم. وكانت صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين ومن صفاتها أيضا أنها كانت ذات عقل وفصاحة ورأي وبلاغة . وهناك حادثة تدل على فصاحة الكلام. وهي أن بعث إليها مرة من أحد عمالها كتاب فردته إليه وبه ملاحظة تقول: (أن اصلح كتابك وإلا صرفناك) فتعجب العامل لذلك وأقلقه الأمر؛ لأنه لم يستطع معرفة موضع الخطأ. وعرض كتابه على أصحاب الفصاحة والبلاغة فقالوا له : إنك تدعو لها في كتابك وتقول: أدام الله كرامتك، وذلك دعاء عليها وليس لها؛ لأن كرا مة النساء بدفنهن فعرف العامل الخطأ وأصلحه. ثم عاد وأرسله لها فقَبِلته. وعرفت زبيدة باهتمامها بالعمران، فقد بنت المساكن والنزل على امتداد طريق مكة المكرمة. فعندما حجت الى بيت الله تعالى سنة 186 هجرية، أقامت من بغداد إلى مكة كما أنشأت مجموعة من المساجد والبرك والآبار والمنازل والمصانع والمرافق وجعلتها للنفع العام، ، وإليها تنسب (عين زبيدة) بمكة ، ، جلبت إليها الماء من أقصى وادي نعمان، شرقي مكة وأقامت الأقنية حتى أبلغت الماء إلى مكة وكان أهم حدث قامت به (وسنتكلم عن عين زبيدة بالتفاصيل لاحقا)
وكان لزبيدة من الجواري مائة جارية، و كن يحفظن القرآن الكريم، وكان يسمع في قصرها دوي كدوي النحل من قراءة القرآن الكريم .
وقد كان لها الدور الكبير في تطور الزي النسائي في العصر العباسي.
وكانت زبيدة أول من اتخذ الآلة من الذهب والفضة المكللة بالجوهر. وهي أول من اتخذ الشاكرية والخدم والجواري يختلفون على الدواب في جهاتها ويذهبون برسائلها وكتبها. وهي أيضاً أول من اتخذ القباب من الفضة والآبنوس والصندل والكلاليب من الذهب والفضة ملبسة بالوشي والسمور وأنواع الحرير الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق.
أسطورة عين زبيدة:
لابد لزائر بيت الله الحرام، الصاعد إلى الطائف أو النازل منها ، من أن يشاهد فى شقاق الجبال ، بقايا بناء قناة "زبيدة" الأسطورية التى نفذتها السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد بعد حجها عام 186هجرية فقدأدركت زبيدة اثناء حجها مدى الصعوبات التي تواجه الحجاج خلال طريقهم إلى مكة من نقص المياه، و ما يعانونه من جراء حملهم لقرب الماء من آلام و إرهاق، و كان الكثير منهم يموتون من جراء ذلك. .
و من واقع ذلك، قررت زبيدة و أمرت بحفر نهر جار يتصل بمساقط المطر.فاشترت "حائط حنين" وابطلت المزارع والنخيل، وأمرت بأن تشق للمياه قناة فى الجبال. وأثناء مرور القناة بالجبال، جعلت لها فتحات لاقنية فرعية اقامتها فى المواضع التى تكون مظنة لاجتماع مياه السيول، لتكون هذه المياه روافد تزيد فى حجم المياه المجرور إلى مكة المكرمة عبر القناة الرئيسية. ومن هذه الاقنية الفرعية التى خصصتها للمياه الإضافية السيلية فى الطريق: "عين مشاش" و"عين ميمون" و"عين الزعفران" و"عين البرود" و"عين الطارقى" و"عين تقبة" و"الجرنيات". وكل مياه هذه الاقنية الفرعية تصب فى القناة الرئيسية، وبعضها يزيد سنويًا، وبعضها ينقص بحسب الامطار الواقعة على نواحيها. من وادى نعمان إلى عرفة ثم أن السيدة زبيدة امرت بإجراء "عين وادى نعمان إلى عرفة"، وهى مياه تنبع من ذيل جبل "كرا" بأرض الطائف أيضًا. وأمرت بجر هذه المياه فى قناة إلى موضع يقال له "الاوجر" فى وادى نعمان، وفيه إلى أرض عرفة. ثم أنها امرت أن تدار القناة على جبل "الرحمة" محل الموقف الشريف، وان تجعل منها فروع إلى البرك التى فى أرض عرفة ليشرب منها الحجاج يوم عرفة. ثم امرت ان تمتد القناة من أرض عرفة إلى خلف الجبل، إلى منطقة يسميها أهل مكة، "المظلمة" ، ومنها تصل إلى "المزدلفة" إلى جبل خلف "منى" ثم تصب فى بئر عظيمة مرصوفة بأحجار كبيرة جدًا تسمى "بئر زبيدة" . وقد أنفقت الكثير من أموالها و جواهرها لتوفر للحجاج الراحــــــة و تحميهم من كارثة الموت. و بعد أن أمرت خازن أموالها بتكليف أمهر المهندسين و العمال لإنشاء هذه العين، أسر لها خازن أموالها بعظم التكاليف التي سوف يستنفذها هذا المشروع، فقالت له:"اعمل ولو كلفتك ضربة الفأس دينارا" وقد بلغ طول هذه العين عشرة أميال. وقيل انهبلغ مجموع ما أنفقته السيدة "زبيدة على هذا المشروع مليونًا وسبعمائة ألف مثقال من الذهب. أى ما يساوى خمسة آلاف وتسعمائة وخمسون كيلو غرامًا. ولما تم عملها ، اجتمع العمال لديها وأخرجوا دفاترهم ليؤدوا حساب ما صرفوه، وليبرئوا ذممهم من عمدة ما تسلموه من خزائن الأموال. وكانت السيدة "زبيدة" فى قصر مطل على دجلة، فأخذت الدفاتر ورمتها فى النهر، قائلة: "تركنا الحساب اليوم الحساب. فمن بقى عنده شىء من المال فهو له، ومن بقى له شىء عندنا اعطيناه". وألبستهم الخلع والتشاريف. وهناك وصف اليافعي لعين الشماش (عين زبيدة) في القرن الثامن للهجرة فقال:" إن آثارها باقية ومشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة ذات بنيان محكم في الجبال تقصر العبارة عن وصف حسنه وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كالبير يسمونه لظلمته يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهاراً فضلاً عن الليل.
وبفعل العوامل الطبيعية فقد تعرضت عين زبيدة للأنقطاع لقلة الأمطار وطرأ فى بعض الأحوال على قنواتها تخريب من أثرالسيول، وتوالى الأزمان. وكان الخلفاء والسلاطين الذين تعاقبوا على الحكم فى الأقطار الإسلامية إذا بلغهم ذلك تحركت هممهم لإصلاح تلك العين التي تمتع بتلك الهندسة الزبيدية .
السلاطين يصلحون عين زبيدة وهكذا :
فقد قام بإصلاحها منذ إنشائها حتى زمن السلطان سليمان العثمانى يرحمة الله والعديد من الملوك والأمراء. وفى زمن السلطان سليمان، انقطعت "عين زبيدة" وتهدمت قنواتها، وصار أهل البلاد يستقون من آبار حول مكة يقال لها "العسيلات"، وأخرى يقال لها"الجوخى"، وصار الماء غاليًا جدًا. وكان الحجاج يحملون الماء إلى عرفات من الأمكنة البعيدة، وصار فقراء الحجاج يوم عرفة لا يطلبون شيئًا غير الماء، لعزته، ولما عرضت أحوال العين إلى السلطان، أمر بالفحص عنها ودراسة كيفية إعادة جريانها، فتألفت لجنة من قاضى مكة يومئذ الشيخ "عبدالباقى بن على الغربى" والأمير "خير الدين خضر" أمير جدة" وغيرهما من الأعيان، فقرارو، أنه يمكن إعادة جريان الماء بكلفة خمسين ألف ليرة عثمانية ذهبًا، ظنًا من غير تحقيق ولا تقدير لعواقب العمل الكبير. ولما كانت صاحبة هذه الصدقة الجارية هى السيدة "زبيدة العباسية" فقد رؤى أن تكون كريمة السلطان هى التى تتولى إصلاحه، وهكذا فقد عيّن الأمير(إبراهيم بن بردىٍ) دار بمصر لإنجاز هذه المهمة، فحضر إلى مكة، وشرع فى عمله واستخدم من العمال أربعمائة مملوك ومعهم ألف آخرون من العمال والبنائين والمهندسين والحفارين، وجلب من مصر، والصعيد، ومن الشام وحلب، واسطنبول، واليمن طوائف بعد طوائف من المهندسين، ومن المختصين بجر المياه، وترتيب القنوات، وكثير من الحدادين والحجارين والبنائين، والقطاعين والنجارين. وكان قد حمل معه من مصر، بما لا حصر له من آلات العمارة والنقب والمكاتل، والمساحى، والمجاريف، والحديد، والفولاذ، والنحاس، والرصاص، وكان يظن يرحمه الله أنه يستطيع أن يتم العمل فى عام... ولكنه علم بعد ذلك ، أن الخطب كبير والعمل كثير، فإنه كان يحتاج لحفر ألفى ذراع بذراع البنائين فى الصخر والصلب ليمكن إتمام الإصلاح وإيصال الماء إلى مكة، والحفر المطلوب عميق فى الحجر الصوان يصل أحيانًا إلى عمق 50 ذراعًا، ولم يمكنه ترك العمل بعد الشروع فيه حفظًا لناموس السلطنة الشريفة. المهمة المستحيلة فكان يرحمة الله يوقد على الحجر الصوانى الذى يجب حفره مقدار مائة حمل حطب جزّل ليلة كاملة والنار لا تعمل إلا فى العلو، أما فيما أسفلها فتعمل عملا يسيرًا لا يزيد على قيراطين اثنين، فيزال هذا القدر المحترق ... ثم يعادو ايقاد الحطب ... وهكذا فقد صبر الأمير إبراهيم يرحمة الله صبر أيوب، وكلما فرغ المصروف ارسل وطلب مصروفًا آخر ... إلى ان اتى على خمسمائة ألف ليرة عثمانية ذهبية. وغرق له أثناء قيامه بالمهمة مركب فيه ثروته وسائر تجملاته وقيمتها مائة ألف ذهبية، فما تزعزع ولا توانى ... ثم مات له طفل ... وتبعه ولدان، فاحترق للجميع قلبه ... ومات أكثر مماليكه ... كل ذلك وهو يتجلد ويتجمل ... إلى أن وافاه الأجل قبل إنجاز المهمة المستحيلة. فتولى الأمر من بعده أمير "جدة"، فمات أيضًا دون انجازه ... إلى أن اتمها القاضى السيد "حسين الحسنى". بعد أن استغرق العمل عشرة أعوام كاملة وهلك دونه أمراء وخدام ومماليك وانفقت ثروة طائلة. وما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة لإنهاض عين زبيدة فــ"دارة الملك عبدالعزيز" تنسق فى دراساتها مع عدة جهات ذات علاقة بالثروة المائية فى منطقة مكة المكرمة منها مركز المياه ومشروع مياه عين زبيدة ومصلحة المياه بمكة ومحطة تحلية المياه بالشعيبة، ومصنع مبرة خادم الحرمين الشريفين وذلك بغرض الحصول على نسخ من الوثائق وكافةالمعلومات الخاصة بعين زبيدة ومشروعات ترميمها وصيانتها .
وفاتها:
كانت وفاة زبيدة ببغداد في جمادى الأولى سنة 216هـ الموافق 831م وقد رثاها مسلم بن عمرو الخاسر الشاعر البصري. بعد رحيلها ظلت باقية حية في أذهان بني العباس و في قلوبه، يتذكرون أخبارهـــــــا وأخلاقــهـــا و ثقافتها المميزة، و ظلوا يتناقلون أفعالها في أرجاء الجــزيــرة العـربـيـــــــة، و خصوصا أخبار مسامحتها للمأمون بعد قتله لوحيدها و فلذة كبدها الأمين، حيث إنها هنأته بالخلافة قائلة:" اهنيك بخلافة قد هنأت نفسي بها عنك قبل أن أراك.، ولئن كنت فقدت ابنا خليفة فقد عوضت ابنا خليفة لم ألده، و ما خسر من اعتاض مثلك ، و لا ثكلت أم ملأت يدها منك ،و أنا اسأل الله أجرا على ما أخذ، وإمتاعا بما عوض ".
| |
|
الجوهرة عـضـو متألــق
عدد الرسائل : 284 المدينة : أرض الله واسعة تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| |