[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ثم أعطانا الشيخ -رحمه الله- أصلًا يجمع المأمورات والمنهيات، وهذا الأصل فرعه إلى أربعة فروع، فقال:
فما كانت مصلحته خالصة، أو راجحة أمر به الشارع أمر إيجاب أو استحباب، وما كانت مفسدته خالصة أو راجحة نهى عنه الشارع نهي تحريم أو كراهة. فهذا الأصل يحيط بجميع المأمورات والمنهيات. المأمورات قسمان:
القسم الأول : مصلحته خالصة.
القسم الثاني: مصلحته راجحة.
المنهيات قسمان: مضرته خالصة.
الثاني: مضرته راجحة.
هذا الأصل الذي ذكره الشيخ هنا يقول: يحيط بجميع المأمورات والمنهيات.
الذي مصلحته خالصة مثل: التوحيد- توحيد الله تعالى- والعدل، والبر والإحسان، بر الوالدين، صلة الأرحام، هذه مصلحته خالصة بمعنى: أنه ليس فيه مفسدة بوجه من الوجوه. الجهاد في سبيل الله مصلحته راجحة؛ وإن كان فيه مفسدة، ولكن هذه المفسدة من إتلاف المال، وإتلاف النفس ليست بشيء بجانب الفوائد المترتبة على المصلحة، فالشرع أمر بالجهاد مع أن فيه تعريض النفس للخطر؛ لكن نظرا للمصلحة الراجحة.
القسم الثالث: ما كانت مفسدته خالصة: كالشرك، والكذب، والميتة، والخنزير، وغير ذلك مما مفسدته متأصلة ليس فيه أي مصلحة بوجه من الوجوه، هذا قسم من المنهيات.
القسم الثاني: ما مفسدته راجحة، مثل: الربا، الخمر، الميسر، فيها مصالح؟ فيها مصالح، ولكن مفاسدها تربو على مصالحها؛ والدليل أن الشرع نهى عنها.
إذن خذها قاعدة: الشرع لا يأمر إلا بما فيه مصلحة خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة خالصة أو راجحة، وبهذا نكون قد أخذنا قاعدة المأمورات والمنهيات.
</FONT>
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الشيخ ذكر بعد هذا: المباح، قال:
وأما المباحات، فإن الشارع أباحها، وأذن فيها، وقد يتوصل بها إلى الخير فتلحق بالمأمورات، وإلى الشر فتحلق بالمنهيات. نعم المباح مر علينا أنه: ما استوى طرفاه، وإن شئت قل: هو الذي لا يتعلق به أمر ولا نهي. لكن نعلم -يا إخوان- أن المباح قسمان:
القسم الأول : سنسميه المباح الباقي على أصل الإباحة، وهذا هو الذي علمناه. ما يتعلق به لا أمر ولا نهي، مثل: الأكل ليلًا -مثلًا- في ليالي الصيام، والاغتسال للتبرد، هذه مباحات ما توجه إليها من الشرع أمر ولا ونهى، هذا يسمى المباح الباقي على أصل الإباحة.
القسم الثاني: المباح الذي لم يبق على أصل الإباحة وهذا هو المباح الذي صار وسيلة إلى غيره، بمعنى أنه صار سُلّمًا يوصل كلا واحد من أمرين: إما إلى خير، وإما إلى شر. فهذا المباح، هل يقال: إنه ما يتوجه إليه أمر ولا نهي؟ لا. إن كان وسيلة إلى واجب يتعلق به أمر، أو مندوب -على حسب الأمر- وإن كان وسيلة إلى محرم، أو مكروه يتعلق به نهي؛ ولهذا التعريف الدقيق للمباح أن يقال: هو الذي لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته.
ليش قلنا لذاته؟ أجيبوا. أنت... من حيث هو. بمعنى آخر. نعم... يُخرج المباح الذي صار وسيلة إلى غيره. فالوسيلة إلى الخير خير، والوسيلة إلى الشر شر؛ ولهذا يثاب الإنسان على المباح على حسب نيته، فمثلًا: لو إنسان... الاغتسال للتبرد مباح، لكن لو أراد إنسان أن يغتسل للتبرد، ولكن نوى بهذا النشاط لأداء الصلاة، أو نوى بهذا -مثلًا- في رمضان، في شدة الحر، النشاط على تلاوة القرآن- يثاب على المباح. يثاب عليه لماذا؟ لأنه صار وسيلة إلى مندوب فيثاب عليه.
لو أن إنسانًا -مثلًا- أراد أن يشرب الشاي، شرب الشاي مباح، لكن لو دخل بيته والمؤذن يؤذن، وقال لأهله: اصنعوا لي الشاي. بحيث إن شربه للشاي سيؤدي إلى تفويته الصلاة مع الجماعة، سيكون هذا المباح منهيًا عنه، هل لذاته؟ ليس لذاته، ولكنه صار وسيلة لمنهي عنه؛ ولهذا ينهى -مثلًا- عن البيع يوم الجمعة، مع أن البيع مباح، لكن ينهي عنه بعد النداء الثاني؛ لئلا يكون وسيلة إلى تفويت صلاة الجمعة. ينهى -مثلًا- إنسان أن يبيع العنب مع -أن البيع مباح- إذا كان وسيلة إلى عصره وتخميره.
فالمقصود بهذا أن قاعدة المباح لذاته ما يتوجه إليها أمر ولا نهي، لكن إن صار المباح وسيلة فحكم المباح حكم ما صار وسيلة إليه، وقد ضاق الوقت وانتهى عن النقطة الثالثة وهي: الوسائل لأحكام المقاصد، وستأتي -إن شاء الله- في الدرس القادم، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم.
أحسن الله إليكم يا شيخ.
س: ما الفرق بين الواجب والوجوب والإيجاب ؟
ج: هذه تعبيرات للأصوليين، بعضهم يحبذ أن يقال: إيجاب، وبعضهم يحبذ أن يقال: واجب. فإيجاب: هذا وصف للشرع؛ لأن الشرع هو الذي يصدر الإيجاب، يقال: أوجب الشرع علينا الصلاة إيجابًا، ولكن الصلاة نفسها توصف بأنها واجبة -يعني- المصدر... شوف اللغة كيف تنفع، يقال: وجبت الصلاة وجوبًا. إذن الوجوب وصف للفعل -نفس الصلاة-، والإيجاب وصف لحكم الشرع؛ ولهذا يرى بعض الأصوليين أنه بدل ما يقال الواجب يقال الوجوب؛ لأنه إيش يسمى الواجب؟ ما يسمى حكما شرعيا. فالحكم الشرعي إذا كان من الشرع يسمى إيجابًا، ولكن أقول: لعل هذا من باب الاصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا فهم المقصود. نعم.
س: وهذا سؤال آخر: فضيلة الشيخ، قلتم في الدرس -تعقيبا على المصنف -رحمه الله تعالى- في تعريفه للأدلة الجزئية: والأولى أن يقول: وهذه هي الفقه. نرجو التوضيح ؟
ج: نحن عرفنا الآن أنه إذا كانت الأدلة الكلية تبحث في أصول الفقه فأين تبحث الأدلة الجزئية؟ تبحث في الفقه وأنا قلت لكم: إن وظيفة الأصولي الاشتغال بالأدلة الكلية، ووظيفة الفقيه الاشتغال بالأدلة الجزئية، والظاهر أن هذا واضح. نعم.
س: أحسن الله إليكم. يا شيخ، وهذا سؤال ورد عبر الإنترنت، يقول: يزعم بعضهم أن الأمر في القرآن للوجوب، وفي السنة للاستحباب، فما حكم ذلك ؟
ج: أنا لا أعرف هذا، أنا لا أعرف أن الأمر في القرآن للوجوب والسنة للاستحباب، بل السنة فيها أوامر للوجوب والقرآن فيه أوامر للاستحباب، وسيأتينا إن شاء الله. الشيخ سيشير إشارة عابرة إلى هذا الموضوع، ولكن الدليل واضح على أن السنة فيها أوامر للوجوب؛ بدليل قول الله تعالى:
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ </A>
والمسألة تقتضي البسط والتفصيل بأطول من هذا، ولكن الوقت انتهى.
س: وهذا سؤال أخير، قال هل النهي يقتضي الفساد دائمًا؟ ومتى لا يقتضيه؟ نرجو من فضيلتكم التفصيل في هذا الأمر، وجزاكم الله خيرًا.
ج: هذه المسألة أشار الشيخ إليها إشارة عابرة، ولكني سأبسط -يعني- الكلام فيها -إن شاء الله- في درس قادم نظرًا لأهميتها،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم النبيين وإمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد، درسنا في هذه الليلة يتناول ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: شرح الأصل العظيم: الوسائل لها أحكام المقاصد.
النقطة الثانية: الأدلة الشرعية التي يستدل بها في الفقه.
النقطة الثالثة: ذكر شيء من دلالات الألفاظ، وطرق الاستنباط.
فنقول: النقطة الأولى: قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد. هذه القاعدة فيها ثلاث نقاط:
<LI>الأولى: في معناها.
<LI>الثانية: في فروعها.
<LI>الثالثة: في الأدلة عليها.
يقول الشيخ -عليه رحمة الله- لما ذكر الأحكام الشرعية الخمسة وخامسها المباح، والمباح -كما مر- قد يكون وسيلة إلى مأمور به فيكون مأمورًا به، وقد يكون وسيلة إلى منهي عنه فيكون منهيًا عنه- يقول:
فهذا أصل كبير: أن الوسائل لها أحكام المقاصد. الوسائل: جمع وسيلة، والمراد بالوسيلة -هنا- الطريق المؤدي إلى الغاية، وإن شئت قل: الطريق المؤدي إلى المقصود. إذ -لا ريب- أن أي مقصد من المقاصد يريد الإنسان أن يحققه فلا بد من وسيلة يسلكها لتحقيق هذا المقصد. فهذه الوسائل في نظر الإسلام لها أحكام المقاصد ثوابًا وعقابًا.
هذه القاعدة لا يتبين معناها إلا ببيان فروعها الأربعة التي أشار إليها الشيخ -رحمه الله- وهي: وسيلة الواجب واجبة، وسيلة المسنون مسنونة، وسيلة المحرم محرمة، ووسيلة المكروه مكروهة. هذه الفروع الأربعة يمكن أن نرجعها إلى فرعين، ثم يمكن أن نرجعها إلى أصل واحد.
كيف نرجعها إلى فرعين؟ وسيلة المأمور مأمور بها، وهذا يتناول الواجب والمندوب. الفرع الثاني: وسيلة المنهي عنه منهي عنها، وهذا يتناول المحرم والمكروه، ثم يرجع هذان الفرعان إلى أصل واحد: الوسائل لها أحكام المقاصد.
</LI>