أمير البحر admin
عدد الرسائل : 881 المدينة : تطوان تاريخ التسجيل : 21/08/2008
| موضوع: حضارة الكتابة وتطورها على مر العصور الإثنين 20 يوليو - 9:48 | |
| حضارة الكتابة د. سعيد فايز السعيدأ. عبدالله محمد المنيف إن المرء وهو يدلف عبر بوابة القرن الواحد والعشرين ، حين يتأمل مسيرة الخط وتاريخ الكتابة منذ بداياتها الأولى وحتى وقتنا المعاصر يكاد يجزم بأنها بلغت شأناً عظيماً ، وأنها واكبت متغيرات الزمن، ورافقت حياة الإنسان وحركة تطوره في مجالات شؤونه المادية والمعنوية . ليس ذلك فحسب بل إن إطلالة على نشأة الكتابة وسيرة تطورها في العصور اللاحقة تتيح فرصة للتعرف على التقاء الثقافات العالمية وتأثرها بعضها البعض من خلال نهلها من معين حضاري مشترك ، كان موطنه الأصلي منطقة الشرق الأوسط ثم أنتشر منها ليضيء بنوره المشرق أرجاء المعمورة. وعلى الرغم من أن الاهتمام بالكتابة على اعتبارها ركيزة أساسية في مسيرة التطور الحضاري للإنسانية لا يزال على أشده، فإن ثمة أسئلة تتبادر إلى الذهن من مثل : متى بدأت الكتابة ، وأين ، وكيف كانت ، وكيف أضحت ؟ . ولا ريب في أن الإجابة على مثل هذه التساؤلات تقودنا إلى البحث في الجذور الذي يتطلب العودة إلى أعماق التاريخ ، حيث البدايات الأولى لتطور الحضارة البشرية في التاريخ الإنساني . قبل ما يزيد على خمسة آلاف سنة خلت تبلورت في الشرق الأوسط نتائج تجارب طويلة من محاولات الإنسان الأولى للكتابة، ومن هنا واعترافاً بعظيم شأن هذا الاختراع في مسير الحضارة الإنسانية أضحى الدارسون يفرقون بين حقبتين من حقب التاريخ البشري، الأولى مرحلة ما قبل الكتابة، أو بعبارة أخرى مرحلة الحضارة الشفوية، وهي ما يطلق عليها أيضا فترة ما قبل التاريخ. والثانية هي مرحلة الكتابة، أو حضارة الكتابة، وتسمى أيضا مرحلة التاريخ . ظهرت في بلاد ما بين النهرين فيما بين أعوام 3500-3000قبل الميلاد البدايات الأولى للكتابة، وبعد ذلك بقليل تجلت سمات واضحة للتدوين في وادي النيل، ثم ما لبث عقب ذلك أن تطورت أساليب الكتابة في بلاد الشام والجزيرة العربية، وتبلورت أسسها التي أضحت أصلا لأغلب اللغات العالمية المعروفة في حاضرنا المعاصر. وفي غضون ذلك تجري الآن مناقشات مطردة حول ما إذا كانت الكتابة بدأت في مراكز الشرق القديم الحضارية بمعزل عن بعضها بعضا، أم نشأت في مصر وبلاد الشام والجزيرة العربية بتأثير من أسلوب الكتابة في بلاد الرافدين . ومهما يكن من أمر فإن أساليب الكتابة في المراكز الحضارية آنفة الذكر إن هي استفادت من تجربة الكتابة في بلاد الرافدين فإنها - تمتلك مقومات مميزة وتجعلها سباقة إلى الإبداع وتطوير أسلوب الكتابة والسير بها إلى الإختزال والسهولة التي كانت تفرضها متطلبات تلك الأزمة السحيقة. وهكذا فإن نشأة الكتابة وابتكار رموزها لم تكن وليدة لحظة محدودة ، بل سبق إلى ذلك تجارب وتمارين عديدة أملتها ظروف الحياة ومتطلباتها آنذاك ، وسعياً من الإنسان في سبيل إيجاد وسيلة تعينه على تنظيم حياته اليومية وتعاملاته الاقتصادية المتزايدة، فإنه لم يجد بداً من ابتكار تلك الوسيلة، فكان أن تفتق ذهنه عن فكرة ذكية تمثلت باستخدام رموز صورية عديدة يدل رسمها على أسياء محدودة ومعلومة في لغاتهم ويستطيع من أوتى إلى ذلك سبيلان قراءتها والعودة إليها حينما يشاء وعلى هدي الاكتشافات الأثرية في المستوطنات الحضارية في بلاد الرافدين وبلاد الشام والنيل والجزيرة العربية يتضح أن الكتابة مرت بمرحلتين أساسيتين: مرحلة ما قبل الكتابة.مرحلة الأبجدية :مرحلة ما قبل الكتابة:
هي مرحلة البدايات الأولى للكتابة، ومن أهم خصائص الكتابة خلال هذه المرحلة أنها كتابة بدأت تصويرية، أي تصوير الأشياء المادية لتدل على المعاني المعنوية، وفي فترة لاحقة من تاريخ هذا النوع من الكتابة جردت الرموز الكتابية من السمة التصويرية وأصبحت كتابة رمزية، ذات أصوات مقطعية . ويمثل مرحلة ما قبل الأبجدية الخط المسماري في الجزء الجنوبي من بلاد الرافدين ، وتحديداً في مدينة أوروك ، أخترع السومريون في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد نظاماً للكتابة يعتمد في الأساس على الصورة ، أي تصوير الأشياء المادية لتدل على المعاني المعنوية، كأن يرسم الكاتب قرص الخبز للدلالة عليه، أو قرص الخبز وأمامه فم إنسان للدلالة على الأكل ، أو سنبلة القمح للدلالة على القمح والشعير . وفي حوالي 2700-2800 قبل الميلاد حدث تطور على نظام الكتابة المسمارية فقدت على إثره الرموز سمتها التصويرية إلى سمة تجريدية، فلم تعد الصورة الواقعية هي الأساس في نقل المعاني وتوارثها بل ابتعدت عن شكلها التصويري إلى شكل رمزي مجرد من واقع الأشياء المراد كتابتها، وفي هذه الأثناء أيضا أصبحت الرموز المجردة تدل على أصوات محددة في اللغة السومرية ، وذات سمة مقطعية، أي أن يشترك في الرمز الواحد أكثر من صوت . وهذه المساعي الحثيثة لتطوير أسلوب الكتابة أتاحت في حوالي عام 2000قبل الميلاد اختزال الرموز المعبرة عن أصوات اللغة إلى حوالي 500 رمز، بعد أن كانت قبل ذلك تزيد على ألفي رمز تصويري . ونتيجة لاستخدام السومريون أسافين( مسامير) ذات رؤوس حادة لرسم رموز خطهم على ألواح من الطين الرطب، فقد اتخذت شكلاً يشابه المسامير، وهذا هو السبب في تسميته باسم الخط المسماري . لم يقتصر استخدام الخط المسماري على السومريين وحدهم، ولكنه سرعان ما انتشر أداةً للتعبير عن لغات متعددة في أرجاء متفرقة من الشرق القديم ، فقد كتب به اللغة الأكدية بفرعيها البابلي والآشوري، كما كُتبت به اللغة الإبلاوية، والعيلامية والحثية. وعلى الرغم من تلاشي الخط المسماري خلال النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد ، إلا أنه ظل يستخدم على نطاق ضيق في جنوب بلاد الرافدين حتى القرن الأول الميلادي . الخط الهيروغليفي تمكن سكان وادي النيل(مصر) في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد( 3100ق.م) من اختراع أسلوب آخر للكتابة يسمى الخط الهيروغليفي ، وهي كلمة يونانية أطلقها الإغريق سنة 300 قبل الميلاد على الكتابة المصرية، وتتكون من مقطعين الأول ( هيرو) ويفيد معنى "مقدس" ، والثاني (غليف) ويعني" حفر ونقش"، وعليه فالكلمة بمقطعيها تعني "النقش المقدس". والخط الهيروغليفي مثله مثل الخط المسماري منقول عن البيئة، فهو يعتمد على تصوير الأشياء المادية لتعبر عن المعاني، فصورة الإنسان تعبر عن الأنسان، والحيوان عن الحيوان، وموجة الماء تعبر عن الماء نفسه. وتحتوي الكتابة الهيروغليفية على رموز تنقسم إلى ثلاثة أقسام: · رمز المعنى: ويعني الأشياء المصورة نفسها، أو شيئاً آخر متعلقاً بها، كأن يرسم الكاتب قرص الشمس ، فإن كان المقصود به الشيء المصور نفسه ، أصبح يفيد معنى الشمس"، وإن قصد به شيء متعلق به، أصبح يعني " اليوم، أو النهار" . وتُميز رموز المعاني برسم خط عمودي أسفلها أو جانبها، وذلك للتفريق بينها وبين رموز الأصوات.· رمز الصوت: وهي علامة تصويرية، أو رموز هجائية يقصد منها أصواتها لا معانيها .· مخصص المعنى: وهو علامة تصويرية تضاف في آخر الكلمة ولا تنطق، والغرض من رسمها تحديد المعنى، كأن يرسم قرص الشمس في نهاية الكلمات المتعلقة بالشروق ، والظل، واليوم،…الخ ، لتقريب المعنى وتحديده. ============== يتبـــع... | |
|
أمير البحر admin
عدد الرسائل : 881 المدينة : تطوان تاريخ التسجيل : 21/08/2008
| موضوع: رد: حضارة الكتابة وتطورها على مر العصور الإثنين 20 يوليو - 10:04 | |
| | |
|