الاهتمام باللغة العربية توجّه استراتيجي وليس من خلال الحملات الخاطفة

الاهتمام باللغة العربية في سورية ليس حديث العهد، ولم يقتصر في يوم من الأيام على تعريب أسماء الشوارع والمتاجر والمقاهي والفنادق، وانما كان أعمق من ذلك بكثير.
ولعل أهم ما أنجزته سوريةعبر نصف القرن الماضي تعريب مناهج التعليم العالي في الكليات الجامعية التي لا يزال بعض المسؤولين خارج سورية يعتقد بأنه شبه مستحيل، وخاصة في كليات الطب والصيدلة، وكليات العلوم بأقسامها المختلفة، وقد نجحت هذه التجربة منذ انطلاقتها لأسباب عدة، يأتي في مقدمتها التوجه الصادق للقائمين على تلك الكليات في حينها وايمانهم العميق بالتعريب، وقدرة اللغة العربية على التعبير واستيعاب منجزات العلم، ومؤازرة أعضاء مجمع اللغة العربية في إيجاد البديل الفصيح للمصطلحات الأجنبية.... ‏
وكان نجاحنا في هذا المجال، وريادتنا في تعريب التعليم العالي حافزاً للعديد من الجامعات العربية لتسير في المنحى ذاته والافادة من مناهجنا المعربة، واعتمادها في جامعاتهم. ‏
لقد لجأت إلى هذه المقدمة لأشير إلى:
1) أن تصرفات بعض الجهات في مدينة دمشق، وتعاملهم عند إزالة بعض واجهات المحلات المخالفة، قد أوحت بأنها حملة لتكسير الواجهات، والانتقام من أصحابها، وليست حملة لتعزيز اللغة العربية، والحفاظ على الهوية العربية، مع العلم أن الاهتمام باللغة العربية كأحد أهم مقومات شخصيتنا لا يمكن أن يتم من خلال حملات قصيرة، أو تمتد لعدة أشهر، وإنما هي توجه استراتيجي يشمل جميع نواحي الحياة، وتنفيذه يتم وفق خطط طويلة المدى ربما تمتد ثلاثة عقود من الزمن، ويحتاج الى مرونة للتعامل مع المتغيرات، وألا نحول توجهنا النبيل في الحفاظ على اللغة العربية كأحد أهم مقومات الهوية الى توجه قد يعارضه بعضهم عندما لا تتوفر المرونة في خطواته... والنجاح هنا يقتضي أن تكون خطواتنا مفهومة لدى شرائح المجتمع المختلفة بمن في ذلك بعض التّجار والصناعيين وأصحاب المنشآت الذين لجؤوا لتسمية منشآتهم بأسماء أجنبية ظناً منهم أن التسمية بالأجنبي دليل حضارة، وتطور ، قد لا تعبر عنها التسمية باللغة العربية.... وعند إقناع هؤلاء يتحولون من معارضين للخطوات المتخذة الى مساندين لها.... وهنا أشير الى مسؤولية وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة في إجراء اللقاءات، وعقد الندوات، ورصد كل ماتفعله اللجنة العليا، واللجان الفرعية في الوزارات، والمحافظات والمؤسسات ونقل وجهات النظر المختلفة. ‏
وفي هذا الإطار نعرض أهم الإجراءات المنوطة بوزارتي الإعلام والثقافة.